تتسبب بكتيريا ملوثة للطعام في حالات نادرة في الإصابة بالشلل، فيما يمكن أن يؤدي أحد الأنواع السامة لجرثومة «إي كولاي» إلى الإصابة بتليف كبدي حاد. ومن الممكن أن يؤدي طفيل التوكسوبلازما وجراثيم الليستريا إلى مشكلات صحية خطيرة للمرأة الحامل، بما فيها الإجهاض والولادة المبكرة والعيوب الخلقية وولادة جنين ميت.
هل تتحدث عن الأطعمة سيئة المذاق؟
لقد شاهدت تقارير إخبارية خلال الشهر الماضي فقط عن حالات تفشي أمراض تسببت فيها الطماطم الملوثة، والدواجن الفاسدة، والكزبرة والمكسرات، والمعجنات السامة. هل يمكن تخيل ذلك؟ (وحديثا الخيار في ألمانيا).
من الواضح أن الأمراض التي تنقلها الأغذية من أهم المشكلات التي تواجهها الولايات المتحدة، فخلال العام الحالي فقط، من المتوقع أن يصاب نحو واحد من بين كل ستة أميركيين بالمرض نتيجة لأكل اللحوم والدواجن والخضراوات أو أي طعام آخر ملوث، وفقا لما ذكرته مراكز الوقاية من الأمراض.
أخطر ميكروبات الأغذية
وإذا كنت مهووسا قليلا مثلي، ربما ستتساءل عن القسم الأكثر خطورة في المتاجر الغذائية. وقد حدد باحثون في معهد مسببات الأمراض بجامعة فلوريدا أخطر عشرة أنواع من الميكروبات المسببة لتلوث الطعام على الصحة العامة.
وأكثر المجموعات ضررا هي الدواجن التي تحتوي على بكتيريا «كامبيلوبكتر» (العطيفة) campylobacter وهي من الجراثيم سلبية الغرام، التي تتسبب في مرض أكثر من 600 ألف شخص كل عام، وكانت السبب وراء إدخال نحو 7 آلاف في المستشفى.
ويليها في القائمة، الخنازير الملوثة بطفيل التوكسوبلازما، واللحوم غير المعلبة الملوثة بجراثيم الليستريا حسب ما أظهرت بيانات تم تجميعها على مدى العشر سنوات الماضية عن تفشي الأمراض والوفيات والتكاليف ودراسات أجراها خبراء.
وكانت أكثر الأشياء المسببة للمرض هي جرثومة السلمونيلا، التي ظهرت أربع مرات، في الدواجن، والأطعمة المعقدة (على سبيل المثال الأطباق التي لا تشتمل على اللحوم وتتكون من عدة مكونات) والخضراوات والبيض، وتسببت في وفاة أكثر من 250 شخصا ونقل نحو 16 ألف إلى المستشفى.
وقال غلين موريس، مدير المعهد واختصاصي الأمراض المعدية «بحساب العشر مجموعات معا، فإننا نتحدث عن تكلفة سنوية قدرها 8 مليارات دولار. يجب ألا يصاب الناس بجنون الارتياب ولكن من المهم أن ندرك أن طريقة إنتاج الطعام هي سبب مثل هذه الأمراض الخطيرة التي تنقلها الأغذية. ويجب على كل شخص أن يدرك هذه المخاطر، لأنها حقيقية بالفعل».
تسمم غذائي
ويعتقد الكثير من الخبراء بالفعل أن هذه الدراسة الجديدة ليست سوى قمة جبل الجليد المغمور. وتقول جيسيكا ليبلر، الباحثة في كلية الصحة العامة والخدمات الصحية بجامعة جورج واشنطن واختصاصية الأمراض المعدية في الأنظمة الغذائية: «في أغلب الحالات، لا يلجأ الناس إلى الأطباء ولكنهم يعالجون أنفسهم في المنزل لبضعة أيام».
إن أغلب حالات التسمم الغذائي ليست خطيرة، حيث لا تتعدى الأعراض الإسهال أو القيء لمدة يوم أو اثنين. ويقول لين غولدمان، طبيب الأطفال والأوبئة، وعميد كلية الصحة العامة بجامعة جورج واشنطن: «لكن من الممكن أن تجعلك هذه الأعراض تبدو في حالة مزرية». وأضاف أنه من الممكن أن يكون هناك مضاعفات أكثر خطورة التي ربما تؤدي إلى الوفاة أحيانا خاصة بالنسبة للفئات الضعيفة مثل الحوامل والأطفال وكبار السن وهؤلاء الذين يعانون من ضعف الجهاز المناعي.
وعلى سبيل المثال، تتسبب بكتيريا العطيفة في حالات نادرة في الإصابة بالشلل، ومن الممكن أن تؤدي أحد الأنواع السامة لجرثومة «إي كولاي» إلى الإصابة بتليف كبدي حاد. ومن الممكن أن يؤدي طفيل التوكسوبلازما وجراثيم الليستريا إلى مشكلات صحية خطيرة للمرأة الحامل، بما فيها الإجهاض والولادة المبكرة والعيوب الخلقية وولادة جنين ميت.
ويقول الخبراء إنه يمكن الحد من الإصابة بالأمراض المنقولة عن طريق الغذاء في مطبخك من خلال بعض الخطوات البسيطة أولها طريقة إعداد الطعام. ويقول غولدمان «أعتقد أنكم بالتأكيد في حاجة إلى الوضع في الاعتبار احتمال احتواء أي ما كان ستبتاعونه من متجر الخضراوات اليوم على أحد مسببات الأمراض».
وهناك بضع خطوات أخرى:
- تبدو هذه الخطوة بديهية وهي المداومة على غسل اليدين بالماء الدافئ والصابون قبل وبعد التعامل مع المكونات.
- استخدم مقياس درجة حرارة (محرار) الطعام للتأكد من أن اللحوم مطهية جيدا. ويقترح غولدمان الالتزام بدرجات حرارة طهي اللحوم والأسماك والبيض الموصى بها من قبل وزارة الزراعة الأميركية والمتاحة على الموقع الإلكتروني www.usda.gov والتي هي أكثر قليلا من درجات الحرارة التي يوصي بها الكثير من كتب الطهي.
- توقف عن تناول البرغر غير المطهي جيدا. لا ينبغي أبدا أن تتناول الهمبورغر المطهي لفترة قصيرة أو متوسطة لاحتمال اختلاط جرثومة «إي كولاي»، التي من الممكن أن تلوث سطح اللحوم، مع لحوم الأبقار المفرومة كما يقول موريس. على الجانب الآخر، يقول موريس إنه من الممكن أن تأكل شريحة لحم غير مطهية جيدا، لأن النار تقتل البكتيريا التي ربما توجد على سطحها.
لا تستخدم لوح التقطيع والسكين نفسها في تقطيع اللحوم والخضراوات حتى لا تنتقل البكتيريا الضارة من اللحوم والدواجن والأسماك إلى السلطة الخضراء أو أي نوع طعام آخر لن يتم طهيه، كما ينصح روبين شوتكان، طبيب الجهاز الهضمي والأستاذ المساعد بالمركز الطبي بجامعة جورج تاون.
- احفظ بقايا الطعام في الثلاجة أو قم بتجميدها في أقرب وقت ممكن، قبل أن تنتشر الكائنات الدقيقة عليها، خاصة في فصل الصيف. ويحذر غولدمان قائلا إن أي طعام يبقى في الخارج لأكثر من ساعتين في يوم دافئ يجب أن يلقى في سلة المهملات.
- وأخيرا، وقبل تناول الطعام في أي مطعم افحص التاريخ الصحي للمكان من خلال المواقع الإلكترونية للمجالس المحلية، حيث تقدم الكثير منها مثل هذه المعلومات.
ولكن لا يزال هناك الكثير لنفعله لتجنب الأمراض التي تنقلها الأغذية. يقول موريس من معهد مسببات الأمراض: «للأسف هناك احتمالات كثيرة لتلوث الطعام خلال عملية نقله من المزرعة إلى المائدة».
وأشار إلى أن جميع وسائل النظافة في العالم لن تحميك من الأمراض التي تسببها هذه الكائنات الدقيقة الموجودة في الطعام والشراب المعد مسبقا قبل شرائه مثل اللحوم غير المعلبة أو أنواع الجبن الناعم أو مسببات الأمراض التي تدخل إلى الخضراوات عن طريق المياه أو التربة الملوثة ولا يمكن التخلص منها.
وتقول جيسيكا ليبلر من جامعة جورج واشنطن: «إن سبب المشكلات الرئيسية يكمن على مستوى أعلى خارج المتاجر الغذائية، بل هو بعيد عن المطاعم ومطابخنا الخاصة، لأن لها علاقة بكيفية إنتاج اللحوم وجميع المواد الغذائية في البلد».
وعندما تحدثت معها ومع موريس وغيرهما أكدوا على الحاجة إلى تحسين الممارسات التي تحدث في هذا المجال وتعزيز مراقبة الأجهزة الحكومية وفرض قوانين أكثر صرامة.
وتضيف جيسيكا قائلة: «في النهاية يمكنك أن تتأكد أنك تطهو كل شيء جيدا وأن تحرص على تجنب التلوث، ولكن هذه المشكلة لا يمكن التغلب عليها فقط بالمحافظة على نظافة مطبخك، أو بكونك نباتيا، أو بشراء اللحوم المحلية أو الخضراوات أو الطعام العضوي الذي لا يحتوي على مركبات كيميائية. فهذه مشكلة يعاني منها كل شخص يأكل».