كنت قلقة طوال الليل، خائفة من اليوم القادم، لن أسمح له بالخروج من المنزل، لأمنعه من رؤيتها، وفي نفس الوقت، أتحاشى جرح كرامتي.
استيقظنا صباح اليوم التالي، لأجده يستعد للخروج إلى عمله، فاقتربت منه وسألته: هل ستراها....؟؟
- من..؟؟
- جوليا....!!!
- ولماذا أراها...؟؟
- لأنها جاءت لتراك.....
- من قال لك...؟؟ جوليا لديها أصدقاؤها هنا، هي تزورهم باستمرار....
- بل جاءت من أجلك، ولهذا راسلتك.....
- راستلني لتعلمني بقدومها لكن هذا لا يعني أني سأراها....؟؟
- هل تقسم أنك لن تراها.....
- أقسم، والآن هل تتركيني فقد تأخرت على العمل..
لا أعرف لماذا أحسست بشيء من المراوغة في صوته ، كان يكذب علي، فقد خرج لها، ولا أستبعد أن يكون قد عاشرها، لا تعرفين شعوري نحو هذه المصيبة آن ذاك........
- وكيف عرفت أنه ذهب إليها......
- عندما عاد من العمل، قمت بتفتيش جيوبه، وملابسه، لأجد بقع الروج، ورائحة العطر عالقة في ثيابه، كما وجدت ورقة صغيرة خاصة بالبنك، باسمها، مما يعني أنه أخذها لينهي لها معاملات بنكية.
- وماذا فعلت....؟؟
- واجهته بما وجدت، ...... وكنت منهارة وأبكي، فنظر لي بغضب في البداية وسحب الورقة من يدي، وهو يقول توقفي عن التدخل في حياتي، لا أسمح لك، ولا تضطريني للمبيت خارج البيت، تصرفاتك ستجعلني أسكن في بيت منفرد، وأزورك متى شئت، لا تستمري في التدخل في حياتي، ........
فنظرت له بصدمة غير مصدقة، إذ كان كلامه تهديد علني، بأنه سيستمر في علاقته معها، دون أي اعتبار لي ولحياتي.... وعندما رآى ما حل بوجهي من الكآبة، اقترب مني، وكنت قد انطويت في فراشي حزنا،
- اسمعي يا بَرود، علاقتي بك جيدة، طالما توقفتي عن التدخل في حياتي، أنا رجل لست طفلا، وما بيني وبين جوليا انتهى، إن كنت أزورها فذلك لأنها تطلب المساعدة....
لم أرد عليه، وكنت في تلك اللحظة لا أصدق أي كلمة من كلماته، فقط كنت أفكر كيف تجرأ على تهديدي بتلك الصورة، وأي واقع مؤلم ينتظرني، إنه يقولها بكل صراحة، إما أن أقبل بنزواته، أو يتركني على هامش حياته، وفي كل الأحوال لست في حياته سوى الهامش، ....... اعتراني هم عظيم، وصارت أفكاري تتضارب، فبينما عقلي يأمرني بالتخلي عنه، كان قلبي يأملني فيه خيرا،
أسوأ ما تمر به امرأة أن تحب رجلا، لا يحبها، أو أن يكون مغرما بامرأة غيرها، .......!!
لكني اكتشفت فيما بعد أن جوليا لم تكن هي المشكلة الحقيقية، وأني لم أعاصر المشاكل بعد، إذ رأيت فيما بعد كيف يصبح زوجي، حينما يعشق أمرأة فعلا.....!!!
آثرت الصمت،...... بينما خرج من عندي ولم يعد حتى منتصف الليل، لا أعرف كيف احتملت، فالواحدة منا قد تحارب في البداية لكن عندما تعلم أن الحرب ستنقلب عليها قد تتهاون، وتتنازل، ربما، .......
مرت الأيام ثقيلة وأنا صامتة، كنت أفكر أكثر من مرة في رؤيتها والحديث معها لتتركني في حالي بصحبة زوجي، لكنني أتراجع في آخر لحظة، .........
وبقيت جوليا في حياة زوجي العشيقة السرية التي أعرف كل تحركاتها، اصطحبها معه أكثر من مرة في رحلات خارج الدولة، أخذها أسبانيا، البلد الذي كنت أحدثه دائما عن رغبتي بزيارته،
رأيتها، في صور وجدتها عند أخته، وأذهلني ما رأيت، فهي كبيرة في السن، جميلة، وتبدو من الصور أنها ذات شخصية قيادية، .......... هل ترغبين في رؤية صورتها.......؟
- نعم .. هل لديك واحدة.....؟؟
- أحضرتها معي توقعت أن تطلبيها.........
- دعينا نقترب من تلك الأضواء، أحتاج إلى نور أبيض لأرى الصورة بوضوح......
- هاه، ماذا رأيت...؟؟
- من النظرة الأولى أقول لك، أن منافستك هذه ضعيفة........ لا تساوي قرشا واحدا......
- أعلم..... لقد فهمت ذلك مؤخرا، ...... على كل حال أريد أن أفهم لماذا كان متمسكا بها...؟؟؟
- لأنها كبيرة في السن، وذات شخصية قيادية......
- ماذا قلت........ هل أنت جادة....؟؟
- نعم أنا جادة.. فالرجل الجنوبي، يحب البقاء بصحبة امرأة حاسمة، تنظم حياته المبعثرة، ولهذا يميل للإعجاب بالنساء الأكبر منه سنا، والشماليات على وجه الخصوص، ولايعني ذلك أنه يوفق معهن لكنه يحب لديهن الثقة التي يتمتعن بها،
وبشكل خاص لو أفتقد والدته في سن مبكر، قد تجدينه يميل للزواج بمن تكبره سنا بأعوام،
- وهل يحبها، أم يحتاج إليها فقط....؟؟؟
- تظهر العلاقة في البداية بصورة حاجة، لكن المرأة الذكية تجعل من الإحتياج حب، والرجل الجنوبي يقع في حب من هي أكبر منه سنا، أكثر بكثير، وأسرع من الوقوع في حب صغيرات السن، لكن، واحذري من هذه الـ لكن، فالمرأة التي تتزوج الجنوبي، وتمثل معه دور الأم، لا تستبعد أن يأتي الجنوبي ليخبرها برغبته في الزواج من زميلته الصغيرة في العمل، أو زميلته في الدراسة،..!!!
لأنك حينما تمثلين دور الأم، لا يبقى أمامه، إلا أن يعيش دور الإبن المدلل الذي يحب أن يحياه، وبالتالي يبحث عن العروس التي سيقدمها لأمه، المطلوب من أمه التي تحبه أن تخطب له حبيبة قلبه، ..!!
- يا إلهي، هذا الرجل معقد، ........ كيف أتعامل معه بحكمة، وفي نفس الوقت أن لا أكون أمه، ...؟؟ هذه معجزة.
- ليست كذلك، [color="rgb(153, 50, 204)"]فالأمر يتبسط، بالإعتياد، فعندما أصف لك طبخة معينة قد تستغرق منك ثلاث ساعات حتى تنجزيها في البداية، وبالتعود، تصبح سهلة، الرجل، أيضا يبدو معقدا في البداية و مع السنوات وبالإعتياد على سلوكياته يصبح أسهل.........
[/color]
- بل هي عقد، كيف أفهم طريقة تفكيره، لو لم ألتقيك، لبقيت طوال الوقت أفكر ما سر ارتباطه بتلك المطربة ، .......
.
- أية مطربة...؟؟
- المطربة التي وقع في غرامها لا حقا، ......... والتي هدت كياني، وجعلتني المرأة الهامشية بالفعل.......!!!
****************************************************************************
لا يرهق الإنسان في هذه الدنيا سوى المتاعب النفسية، والضغط العصبي،
تنال من صحته وأعصابه، ومن راحة باله، لكن الشخصيات المتحدية، العنيدة، تبقى متشبثة بالحياة على الرغم من كل التحديات، وتصر على البقاء،
إذ لا خيار في هذه الأرض سوى البقاء، الموت ليس خيارا، الموت مصير، ...!!!
وبما أنك باقية، فلتستمري في البقاء كما ينبغي أن تكوني،
بَرود، التي كانت محط الأنظار، وذات الشخصية المميزة، وصاحبة المنصب المرموق في عملها، وقعت ضحية ظروف، عصفت بكل مميزاتها،
يقدم الإنسان بعض التنازلات في كثير من الأحيان، لتمضي به الحياة على ما يرام،
وبعد حين يعتاد على التنازل، ودونما يدرك، يجد نفسه قد تنازل عن كل شيء،
لهذا يقال من يتنازل مرة قد يتنازل ألف مرة،
التنازل عن الحق، كالعدوى، تتفشى في القلب، وتخلق السلبية،
العمر الذي تتنازلين لتجعلينه يمر بسلام، يمر فيما بعد بمنتهى الصعوبة،
والحلم الذي تنازلت من أجل أن يكتمل، يموت، ..
الحقيقة أن التنازلات لا تحل الأزمات، والعلاج هو خير سبيل،
صديقتي التي اعتقدت أنها بذلك تقود حياتها العاصفة إلى بر الأمان، أخطأت التقدير،
تنازلها عن حقها في نهره عن لقاء عشيقته جوليا، كان سببا لتماديه في علاقة أخرى،
اعتقادها أن تنازلها عن نهره سيحافظ على زواجها الشكلي على أقل تقدير، كان سببا مباشرا لإنهائه شكليا أيضا،
الحياة متناقضة نعم، لكنها في العمل لا تعطيك سوى ما ترغب في أن تجنيه،
الضعيف، يبقى على الرصيف، ملقىً بلا أهمية،
والقوي، يسبح مع التيار، أو عكسه، المهم أنه بدأ السباحة وقد يصل.
في مساء ذلك اليوم، اتصلت بي، وفي صوتها بحة بكاء، ..
- خرج معها هذا المساء، تطيب، واهتم بنفسه، ... وعندما سألته عن وجهته نشأ عراك كبير بيننا، دفعني بقوة بعيدا عنه لأقع على الأرض، وقال لي (( لا أحبك، افهمي))....
- خرج مع من...؟؟
- مع المطربة، (ليزا)...!!!
- اهدئي، هل ترغبين في الخروج...؟؟
- لا أستطيع أشعر بالحزن الشديد، وأرغب في البكاء، ... إني..
- تعالي إلي بيتي، هل تعرفين الطريق،...؟؟
كانت ملامحها الحزينة، شاهد على انكسار صديقتي القديمة، التي لم يتبقى منها سوى تلك الملامح، تحت الرماد،
بَرود، لم تعد بَرود، وكنت أفكر إن كانت ستعود ذات يوم أم لا،
أعددت لك عصير الليمون، جيد لترتاحي،
- أريد التحدث، .... والفضفضة، لا أريد شرب أي شيء،
- كيف تعرف بالمطربة،...؟؟
- إنها صديقته منذ فترة طويلة ولا أذكر متى تعرف عليها، تكبره بخمسة أعوام، ..
استمرت علاقته بجوليا لوقت طويل، وفجأة بدأ يهمل رسائلها واتصالاتها، وبدا مشغولا عنها، ثم تشاجر معها لأسباب تافهة، ولم تعد تزوره بعد ذلك نهائيا، وفي نفس الوقت توقعت أن يعود لي، لكنه أصبح أكثر بعدا عني،
عندما كان على علاقة بجوليا، كان يحبني، كنت أشعر بذلك، وكانت علاقتنا جيدة جدا قياسا بما حدث بيننا بعد علاقته بليزا، ..
علمت كيف يصبح زوجي عندما يعشق امرأة، لا يستطيع أن يجامل أخرى، يصبح مهموما في غيابها، مندفعا لها، وهائما، لا يتحمل لمساتي، ولا القرب مني، ..
لا أعرف ماذا أقول، هل أخبرك بالحقيقة، هل أخبرك أنه يقرف مني، ...!!!!
نعم أظن ذلك، فلا يطيق أية لمسة من يدي..؟؟ يتفادى النظر في عيوني، ...
صديقتي أخشى على نفسي من الإنهيار، ...
في بيتي إنسانة بلا معنى، امرأة غير مهمة، في عملي، عيون الرجال تلاحقني في كل مكان، والإعجاب ينصب علي من الجميع،
أحتار، إن كنت جذابة كالسابق، ما الذي يعمي عيني زوجي، ..
هل ستتفهمين .. عندما أقول لك، إني أصبحت أفرح كثيرا عندما يعبر لي أي زميل عن إعجابه بي، .. فالحرمان، أساء إلى أخلاقي، إنني أحلم كالمراهقين، أحلام يقظة غبية، ..
تعبت، تجاهله يجرحني، وعمى عينيه عني، يصيبني بالجنون، ولا أفهم ماذا علي أن أفعل، لأعيده لي،
بصراحة لم أعد أرغب به، أرغب في قتله، لأنه مجرد تافه، هل تعلمين لماذا لا يراني، لأنه تافه، لا يرى سوى من على شاكلته، في تفاهته، وحمقه وغبائه، رجل عبيط، غبي، يعتقد، أن العالم لم يخلق إلا للاستهتار، يقضي كل وقته متسكعا بين المقاهي، باحثا عن المتعة واللهو، لا طموحات له، اهتمامه الوحيد في هذه الحياة الجنس، الطعام، والنساء، لا شيء آخر،
هذا الرجل لم ينضج، غبي، غبي،
تخيلي، أنا لا أحترمه، في الواقع، لا أحبه، أتمنى لو تزوجت برجل مثقف، رجل أعمال مميز، يتحدث قليلا، لكنه يعمل كثيرا، رجل يشاكلني في مستواي الفكري، أشعر معه بذاتي،
لا يمكنني التواصل مع زوجي لأنه لا يفهم،
إنه سطحي، يركز على المظاهر، يهمه كثيرا كيف يلبس، وماذا يركب من سيارات، ويدخل في تحديات غبية مع صحبه، ويفتخر بما ليس فيه، ويوهم الآخرين بتميزه، في ماذا ..؟؟ لست أفهم، ...
هذا التافه، يصر على أنه أعلى مني شأنا....!!!
- اهدئي...... هل فكرت يوما ترى كيف ينظر إليك ..؟؟ ولما لا يقدرك...؟؟
*****************************************************************************
متعب أن تواصلي الحياة بلا أمل في إصلاح الأوضاع،
محبط أن تتكرر المآسي وتتجدد الأوجاع،
حياة الشمالية مع الجنوبي، عالم من التحديات المستمرة والإهاق الذهني المتجدد،
مصير مخيف، مقلق،
زمن يعتصر الإحساس، ويغدر باللحظات الجميلة،
ابتسامات الجنوبي العذبة، غادرت قاهرة للأمل،
مؤلمة تلك اللحظات التعيسة التي تسيطر على العلاقة، وتعصف بالكيان،
الجنوبي، البارد كالصقيع، عندما يقترن بالشمالية، جذوة الحياة الملتهبة،
الجنوبي، الفياض بالعاطفة، كالمطر، غزيز الحب، كثيف الحنان، قليل الإنتاج،
والشمالية، كبرد السماء، ثقيلة قوية، فعالة،
البرود،
والمطر،
يهطلان معا ... ينهالان على الأرض،
فيختفي المطر سريعا، وتبقى قطع البرد لوقت أطول،
المطر، يسيل في الأودية، حاملا كل شيء،
والبرد، يتلألأ على سطح الأرض، ثم يذوب، بهدوء وإحساس خاص،
المطر، ينهال بصوت زخم،
والبرد، يتساقط بصوت الرقيع،
بَرود المطر،
ثلج السيول،
تخيلي، ماذا يحدث عندما تسقط حبات البرد مع المطر الغزير، تتلاشى في السيول، تغرق، تذوب، تختفي،
مطر، سيل جرف بَرود،......................!!!!!!
فياترى كيف لبَرود، أن تستعيد كيانها كقطعة برد لذيذة، وتنفصل عن سيل مطر، ........؟؟
هل تقبل أن تبقى جزءا من تكوينه، جزءا يسيرا،
أم تحاول أن تنصف الإمتزاج،
أم تنفصل عنه، لتستعيد تكوينها الثلجي، النقي، .........؟؟
خيار، ........ أصعب من الصعب...!!!
- لماذا تسأليني كيف يراني...؟؟
- لأنه من المؤكد أن يكون لديه فكرة ما عنك، زوجك ليس طفلا ولا غبيا كما تعتقدين، إنه رجل بالغ، أعجبك ذلك، أم لم تقتنعي تلك الحقيقة، ومثلما تحملين تصورا عنه، لا بد أن لديه واحدا عنك..
- دائما يراني نكدية، ودائما في نظره العصبية، التي لا أفكر سوى في المال، ......!!
- وبعد، ........
- لا أعرف، .....قد يراني معقدة، يراني أيضا غبية ربما، من وجهة نظره،
- وبعد،
- ماذا تقصدين، عمَ تبحثين ...؟؟؟
- عن كلمة يرددها باستمرار، تشعرين معها بالنقص،
- ............. كلمة، ........ مثل ماذا؟؟.......... مثل أني لست أنثى كفاية........ يقول أني لست امرأة ........ نعم هذه الكلمة تجرحني، ....... لا أفهم لماذا يدعي أني لست امرأة.
- هذا على الرغم من أنك تتزينين، كثيرا،
- نعم، صدقت، أتزين، وأهتم بنفسي في السابق لكنه يصر على أني لست امرأة،
- الجنوبي، يرى الشمالية باستمرار، في صورة غير أنثوية، لأنه رجل لا يبادر كثيرا في القيام بالأعمال أو تحقيق الإنجازات، وبالتالي، فعلى المرأة أن تكون أقل منه مبادرة بكثير، وكونك شخصية ناجحة على الصعيد العملي، ومبادرة في حياتك الشخصية، ومنجزة، فأنت من وجهة نظره تفتقدين سمة مهمة من سمات الأنوثة، وفي الوقت ذاته يحب لديك قوة الشخصية، التي قمت بالتخلص منها لاحقا،
- لا أفهم ما تقصدين، .......
- الجنوبي، رجل رقيق، في كل شي، والشمالية تحتاج إلى رجل قوي ونافذ، لكن حكمة الله في الخلق هذا التكامل في العلاقات الزوجية، فزواج الجنوبي من شمالية، مفيد لتعلم الشمالية الجنوبي كيف ينجز، ويعلم الجنوبي الشمالية كيف تسترخي وتستمع في حياتها،
لو سألت زوجك كيف يراك....؟؟
قد يقول ما يلي: إنها امرأة نكدية، بل هي ليست امرأة إنها رجل في جسد امرأة، تريد أن تفعل كل شيء بنفسها،
وتفكر أكثر من أي شيء آخر، وتدير الحياة وتسيطر على حياتي، وترغب في أن تتحكم بي، ولا ينقصها سوى أن تمسك بالعصمة، ............!!،
لا أستطيع الإستمرار مع زوجة من هذا النوع، لأنها لا تحيي في قلبي أي شعور بالجاذبية، بل أشعر معها بأني أعيش مع مديرة عملي، مزعجة، وقلقة دائما، متوترة، وتعتقد أن كثرة العمل تضمن المستقبل،
كل همها تكديس المال، لا تفكر سوى في المشاريع، متعة حياتها الوحيدة، شخصية مريضة، معقدة، كئيبة، هذه كئيبة لا يمكنني تحملها....!!
- هل من الممكن أن يكون هذا رأيه عني، ........؟؟
- نعم، ........ وقد يكون أسوأ بكثير، فما يحدث في الواقع، أننا نختلف، وكل منا يرى الآخر من منطقه الشخصي، وبالتالي فحكمك عليه غير منطقي، أنت ترينه ناقصا، وهو يراك ناقصة، لأنكما مختلفين كذكر وأنثى، ومختلفين كشمالية وجنوبي، ..........
- ومن منا على حق........؟؟
- لا أحد منكم على خطأ، أنت تمارسين طبيعتك، وهو يمارس طبيعته، الخلل الوحيد، أنكما لا تعلمان الإختلافات، ولم تتعلما فن التعامل مع هذه الإختلافات، .......
- وهل يعني ذلك أننا لا نناسب بعضنا، هل نفترق......؟؟
- بالعكس، الجنوبي، يعجب بالشمالية من النظرة الأولى، لكن الجنوبية تناسبه أكثر، من حيث التفكير والميول، بينما تبقى الشمالية حلم حياته، لتميزها، إنه يحب أن يجمع القطع النادرة في حياته، ويسرف المال الكثير على مظهر الخارجي، ولهذا فالشمالية ذات الشخصية المميزة والطلة الجذابة، تثري طموحه، لكن ما أن يتزوج بها، حتى يبدأ في اكتشاف شخصيتها الصارمة، وبناءها الذاتي المتين، ونشاطها الكبير، واندفاعها الإنجازي وطموحها الصاعق، ....... كل هذا يصيبه بالصدمة، فهو لم يتزوج بها ليقدم لها الدعم، ولا ليخطط معها لدخول امبراطورية الأثرياء، بل تزوجها ليتباها بها، أمام مجتمعه كما يتباها بممتلكاته الكثيرة، .......... وفي النهاية اكتشف كم هي مزعجة...!!!
- مزعجة......؟؟؟!!!!
- نعم، مزعجة، فالجنوبي الذي يميل إلى الإسترخاء، والإستجمام أغلب الوقت، يجد طموحات الشمالية ومطالبها مزعجة.........!!!!!....... بل ولا تطاق في كثير من الأحيان، الشمالية ترى أنها كلما صعدت سلمة، على درج الإرتقاء، ترى أن هناك سلمة أخرى تمثل لها تحديا، والجنوبي يراها طماعة ولئيمة، ولا تشبع، من جمع المال...........!!!!
- أووووووووه، وكأنه يتحدث، هكذا يصفني باستمرار، ويقول إني معقدة، وأني أشعر بالخوف بعد أن سلب إخوتي مالي، وأحاول أن أعوض ما خسرته، مع أني لا أفكر في جمع المال، أفكر في النجاح، والمال يأتي كتحصيل حاصل بشكل تلقائي بسبب نجاحي........غريب منطقه.......!!!
- الأغرب هو ما تفكرين به نحوه، عندما قلت إنه سطحي وغير مسؤول، لو سمع ما قلت لأصيب بصدمة عنيفة، فهو أيضا يرى أنه على صواب، وأن ما يقوم به شيء طبيعي، فالحياة أوجدت للإستمتاع واللهو، حواسه تدرك الكثير مما يغيب عن ناظريك، .........!!!
- لكنه تعرف إلى مطربة، وهي أيضا تجمع المال، وتحب النجاح، .........!!!
- قصة متكررة، ......... الجنوبي، والنساء المتميزات، أو المشهورات، ....... ألم أقل لك إنه يحب الشماليات لأنهن براقات، ....... إن علاقته بالمشهورات تعطيه إحساسا بمكانته، يشعر معها أنه شخص مميز، كما يحب أن يشعر دائما،
المرأة ذات السمعة الإجتماعية العريضة توفر لشخصيتة التواجد الذي يبحث عنه،
- كيف لم أعد أفهم ما تقصدين، بدأت أتعثر، ........
- تخيلي معي ما يحدث، ......... الرجل الجنوبي قليل الإنتاجية، وبالتالي، لا يحظى بسمعة كبيرة، ولا بجاذبية شخصية، لكنه يشعر بأنه رجل فوق العادة، ويريد بل ويحتاج لمن تشعره بذلك من النساء، فتأتي تلك المطربة التي يسعى خلفها الكثير من الرجال لتحبه هو، ...... هو فقط، كيف تراه سيشعر، ............؟؟؟ بالأهمية، ........ الأهمية التي كان يبحث حثيثا عنها.........!!!
- كنت أعتقد أنه أحبها ليمارس الجنس معها.........!!!
- الجنس بالنسبة للجنوبي، ليس مشكلة كبيرة، فهو يجده في أي مكان، ويمكنه أن يمارسه معك في أي وقت، وإن كان غير منجذب لك، ....... المشكلة تكمن في الإعجاب وتحقيق الذات،
- وهي تمنحه القدرة على تحقيق ذاته،
- نعم فالجنوبي، أشبه بالكائنات اللصيقة، التي لا تمضي في الحياة وحيدة، تريد الإلتصاق بأحد ما لتحقق تواجدها، ......... تلتصق بكائن أكبر، أو أقوى.....
- والشمالية قوية، أو أية امرأة مشهورة ......
- تماما، .......... والحادث، أن بعض الشماليات لا يدركن ذلك، وبعد الزواج تصدمهن حالة الخدر لدى الجنوبي، ويصبن بالملل، والقرف أيضا، وقد يهاجمنه عدة مرات، ويحطمن شخصيته، دون علم منهن، فينتقم الجنوبي، الحاقد، بطريقة تكسر الشمالية وغرورها كسرا مبرحا، بالخيانة، الخيانة لدى الجنوبي عقابا للمرأة التي تهين كرامته.......!!!
- مستحيل........ كلامك خطير، يشعرني بالخوف، على هذا لن يتوقف عن خيانتي، فأنا يوميا أذكره بكسله، وكثرة نومه، واستهتاره، ........!!!
- وعندما تتوقفين عن ذلك وتبدئين باحترامه سيتوقف هو أيضا عن خيانتك...........
- معقول، كيف أحترمه، .......... أنا لا أحترمه، إنه كما قلت غبي.......
- كفي عن وصفه بالغبي، فهو ليس غبيا، هو صنف مختلف من البشر، إنه جنوبي، وأنت شماليه، هو ليس غبيا، ولا أنت نكديه، لكن كل واحد منكما من كوكب مختلف..........!!!
- نعم سأفعل، ..... وكيف أشعره أني أحترمه، .......... كيف أمثل عليه ذلك.......
- احترميه بصدق، ثم سيشعر..........
********************************************************************************
ولكل المتسائلات عن بوصلة الشخصية، ( جنوبي- شمالي- شرقي- غربي)
لا يستطيع أي اختبار في العالم أن يصنف زوجك في اتجاه واحد متجاهلا الجوانب الأخرى في شخصيته، وذلك نظرا للعوامل التي تضفي على الشخصية اختلافات عدة، وعلى اتجاهها تحولات مستمرة بفعل:
1- التربية،
2- المجتمع،
3- الظروف،
4- التعليم،
5- الحاجات،
وغيرها
لهذا لا تحزني إن لم تتمكني من تصنيف زوجك، لكن واجهي كل صفة فيه، بما يناسبها، في الوقت الحالي، ولا تصنفيه، إن كان غير محدد الإتجاه بالنسبة لك،
أعجبني عصير الليمون، .... أشعرني بالإنتعاش، هل هناك المزيد، .....؟؟
أكيد، أضيف له النعناع الطازج، وعلى فكرة العصير بالليمون البلدي، ....!!
معقول، لم أشعر بأي مرار ..
رن هاتفها النقال، ........
- إنه هو........ لن أرد عليه، لا أرغب في الرد عليه، .....
- يمكنك تجاهله، ...... في الوقت الحالي، ريثما تهدئين، ...... لكن ما قصة المطربة،...؟؟
- ليزا، مطربة من أصل عربي مقيمة طوال حياتها مع أسرتها في المهجر، وتطمح للنجومية، حصلت على عدة تقاعدات مع فنادق هنا، وبدأت بالإنتشار، وطبعت ألبومين حتى الآن، .......
- لم أسمع بها سابقا، .......
- لأنها لا تغني للعرب، ...... !!!
- وهل تتحدث العربية....؟؟
- بطلاقة، وتحيي أمسيات غنائية بلهجتها العربية، لكن لم تجرب طباعة البوم باللغة العربية، ...... مع أن صوتها جميل....!!
- تعلمين الكثير عنها....
- رغما عني، بدأت أبحث خلفها، جميلة وذات شعر أشقر وطويل، زوجي يحب الشعر الطويل.....!!!
- كل الرجال يحبون الشعر الطويل، فالشعر يمتلك طاقة خاصة، تثير إفراز هرمونات الرجل الذكرية، ... لهذا أمرنا الإسلام بالحجاب، وكلما ازداد طول الشعر ومعدل اسوداده، كلما أثر ذلك في قوة تأثيره على إثارة الرجل،
- عن أية طاقة تتحدثين، ......؟؟
- نوع مختلف عن الطاقة التي يعرفها الناس، أتحدث عن الطاقة الكهرومغناطيسية التي تنبعث من الأجساد البشرية، ويمكنك تسميتها بالطاقة الأثيرية، أو الإيحائية، وهي طاقة شديدة التأثير، انهمك العالم مؤخرا في دراستها كحقيقة علمية غريبة، ....
- هل تؤمنين بصحة هذا الكلام، .....؟
- لا يوجد مجال للشك، فالأمر عبارة عن اكتشافات علمية، وليست نظريات أو تهيؤات، ...
- كيف.....؟؟
- لاحقا أشرح لك كل شي، فقط أردت أن أخبرك بأن هذا الشعور المتشائم نحو حياتك، وإحساسك المستمر بالإضطهاد، يجتذب نحوك الكثير من الأحداث التعيسة، ويلقي بك إلى المزيد من الألم، قال تعالى: ({قَالُواْ إِنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ لَئِن لَّمْ تَنتَهُواْ لَنَرْجُمَنَّكُمْ وَلَيَمَسَّنَّكُمْ مّنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ * قَالُواْ طَـٰئِرُكُم مَّعَكُمْ أَئِن ذُكّرْتُم بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ مُّسْرِفُونَ}
والطائر هنا الشؤم، أي أن الإنسان المتشائم، يجتذب الكثير من الشؤم إلى حياته،
- لست متشائمة صدقيني، لست كذلك، الأمر أني أعاني، فأبدو كئيبة، تعيسة، فأي امرأة في مكاني ستشعر بما أشعر به الآن،
- الشعور شيء، وما أنتظره في الأيام القادمة شيء آخر، فدخولك الحياة الزوجية، وأنت متخوفة من الطلاق، قد يجرك ذلك الشعور للطلاق، ركزي على أن حياتك الزوجية ستكون ناجحة، وأنك ستتغلبين على كل العوائق في حياتك،
- هل أخدع نفسي، كيف سأنجح مع رجل كهذا،
- بالتفاؤل، فالرسول عليه الصلاة والسلام الذي لا ينطق عن الهوى قال)) تفاءلوا بالخير تجدوه((، فتفائلي بحياة زوجية سعيدة لتحصلي عليها بالفعل،
- كنت متفائلة حتى صدمني......
- تعاملك مع أول مشكلة في حياتك الزوجية، يحدد قدرتك على إدارتها، ونوعية الحياة التي ستحصلين عليها، ....... وأنت تصرفت بشكل جيد لدى القليل من المشكلات، بينما انبريت في الجزء الأكبر منها، حزينة ضعيفة، تعالجين احباطاتك وصدماتك، وجروحك بالدموع والكبت، وصرت تنظرين إلى نفسك على أنك ضحية، ..... لم تكوني شجاعة،
- وكيف تكون الشجاعة، ......
- كلنا يا بَرود نستطيع أن نجلس لنبكي، وكلنا قادرات على أن نعيش المشاهد الدرامية في حياتنا بنجاح، لكننا لا نتجاوز ذلك، والبعض يستمتع بالألم، ويحب مع الأيام دور الضحية، ويستلذ بالعذاب الذي أصبح جزءا من حياته، لكن الشجاعة هي التي تغتسل سريعا من تلك الجروح، وتنظر للجارح على أنه طالب في مدرستها ستلقنه درسا لن ينساه في كيفية التعامل معها، ......!!!
- والطالب هو الزوج، ......
- نعم، فكلنا في الحياة معلمون، نعلم الآخرين فن التعامل معنا، وندرس لهم مادة أنفسنا، ليتعرفوا علينا بشكل جيد، ........ ولهذا قالوا في الأمثال ( اللي ما يعرفك ما يثمنك)
- هو بالفعل لم يتعرف إلي جيدا، لم يعطيني الفرصة لأشرح له،
- وربما لم تكوني على ثقة كافية بأنك مثيرة للإنتباه، انتباهه هو على الأقل،
- رجل تعلم في الخارج، وتعرف لنساء ناصعات البياض، لا يشوب أجسادهن أية شائبة، لن يهتم لأمر امرأة حنطاوية، مثلي، ......
- هل أشعرك بذلك، ....؟؟
- مرات، يخبرني بأن وجهي أصبح شاحبا، ومرات أخرى يطلب مني أن أغير لون شعري، وأحيانا يقول لي اهتمي بصحتك....
- ليس لأنه يقارنك بالأخريات، بقدر ما يسعى إلى نصحك بقلب صادق، ......
- كيف أبدأ التغيير، ....... هل هناك أمل في نجاح علاقتي بزوجي......؟؟
- ابدئي التغيير من الدراسة، ادرسي نفسية زوجك جيدا، راقبيه،..... تخيلي أنك في لعبة، وعلى أحدكما أن يغزوَ قلب الثاني، ولفعل ذلك عليك ببحث نقاط الضعف الخاصة بالآخر، ......
- تعلمين على الرغم من عشرتي الطويلة معه، لم أفهمه يوما، كنت أعتقد أنه رجل صعب المراس، واليوم ترجمت لي شخصيته بكلمات قليلة، وكأنك تعيشين معنا، جعلتني أقتنع أن زوجي بسيط جدا، ...... لكني لم أكن أفهمه، ..... تلك المطربة التي تأخذه مني......
- لم تأخذه بعد، لازال زوجك أنت، هناك أمل كبير في استعادته، فخططي وابدئي الهجوم، .......
- أسعفيني بخطة..........!!!
- في البداية، أريد زيارة بيتك، لأرى دولاب ملابسك، فالخطة تبدأ من هناك، أرغب في رؤية كل ما لديك من ملابس، لأجردها، ........
- ألا تعجبك ملابسي، ....؟؟
- تعجبني، كلها ماركات عالمية، لكنها تفتقر إلى الحس الذي يحبه زوجك........ أعطيني صورته وسأخبرك كيف يحبك أن تكوني، وأي لون يفضل، وأي الموديلات تثيره، .... بالتفصيل الممل........
-واو، جلسة دسمة، .... لحظة سأعطيك الصورة، بالله عليك ستخبرينني كل هذا، .... كل هذا من الصورة...... !! خذي.....
- متى صور هذه الصورة.......؟؟
- هل هذا مهم....؟؟
- نعم، يهمني أن تكون حديثة، إلا إن شئت أن ندرس وضعه لحالة مر بها في الماضي....
- هذه الصورة، ........ لا أتذكر، ربما من شهرين أو ثلاثة،
- جيد، جيد جدا، إنها حديثة، المهم لم تتعدى السنة، .....
- هل إذا أحضرت لك صورة له في بداية زواجنا، هل يتغير التحليل، ...؟؟
- بالطبع، عندما أرى صورته لتلك الفترة ستفسر لي شخصيته تلك الفترة، والتي غالبا ما تتطور، وتتغير، وتتجدد على مر السنوات، ولهذا أطلب صورا حديثة، لكن هناك سمات رئيسة في الشخصية لا تتغير مطلقا، أو تتغير بشكل طفيف جدا، .... ولهذا تنفع الصور القديمة في الحالات العامة،
- ما رأيك فيه.......
- يبدو تعيسا، تائها، ولديه مشاكل عاطفية، ............... لا أظنه مرتاحا في علاقته بليزا، زوجك حتى اليوم لم يجد نفسه، يفتقد الحنان بشدة، ولديه ألم غائر في صدره،
- كل هذا في الصورة......
- بل كل هذا في التجاعيد الصغيرة أعلى عينيه، وفي انحراف مقلته نحو الكاميرا، وفي شق وجه البارز، ......
- كيف..... ما علاقة جهة وجهه....
- كل إنسان عندما يصور، يطلب منه أن يواجه الكاميرا، ولكنه في الوقت ذاته، يبقى محتفظا بانحراف صغير يبرز جانبا من الوجه أكثر من الآخر، وهذا في علم قراءة الوجوه يدل على سر يخفيه، ....... كما يدل على شدة التألم، ...... بينما لو أبرز الجهة ( ) من وجهه فيدل ذلك على أنه لئيم دنيء، وإن أبرز الشق ( ) من وجهه، فيدل ذلك على سعادته وفرحه الحالي،
- سبحان الله، ....... ما رأيك في هذا القسم من وجهه، انظري دائما يفعل ذلك،.....
- لأنه جنسي، ..... يميل إلى الحياة المرفة، أيضا، ...... انظري إلى أرنبة أنفه، هذه لها دلالة أيضا، عندما تبدو في هذا الإتجاه من الصورة، .....
- كل ذلك في اتجاه وجهه نحو الكاميرا، وماذا عن ملامحه، .......
- سنتحدث بالتفصيل، بعد أن نتناول الطعام، لأني أشعر بجوع شديد.......
- أرجوك لا تتركيني على أعصابي، سنأكل لاحقا، ......
- بل نأكل ونتحدث ، ......
لقراءة الجزء الرابع اضغطي هنا
استيقظنا صباح اليوم التالي، لأجده يستعد للخروج إلى عمله، فاقتربت منه وسألته: هل ستراها....؟؟
- من..؟؟
- جوليا....!!!
- ولماذا أراها...؟؟
- لأنها جاءت لتراك.....
- من قال لك...؟؟ جوليا لديها أصدقاؤها هنا، هي تزورهم باستمرار....
- بل جاءت من أجلك، ولهذا راسلتك.....
- راستلني لتعلمني بقدومها لكن هذا لا يعني أني سأراها....؟؟
- هل تقسم أنك لن تراها.....
- أقسم، والآن هل تتركيني فقد تأخرت على العمل..
لا أعرف لماذا أحسست بشيء من المراوغة في صوته ، كان يكذب علي، فقد خرج لها، ولا أستبعد أن يكون قد عاشرها، لا تعرفين شعوري نحو هذه المصيبة آن ذاك........
- وكيف عرفت أنه ذهب إليها......
- عندما عاد من العمل، قمت بتفتيش جيوبه، وملابسه، لأجد بقع الروج، ورائحة العطر عالقة في ثيابه، كما وجدت ورقة صغيرة خاصة بالبنك، باسمها، مما يعني أنه أخذها لينهي لها معاملات بنكية.
- وماذا فعلت....؟؟
- واجهته بما وجدت، ...... وكنت منهارة وأبكي، فنظر لي بغضب في البداية وسحب الورقة من يدي، وهو يقول توقفي عن التدخل في حياتي، لا أسمح لك، ولا تضطريني للمبيت خارج البيت، تصرفاتك ستجعلني أسكن في بيت منفرد، وأزورك متى شئت، لا تستمري في التدخل في حياتي، ........
فنظرت له بصدمة غير مصدقة، إذ كان كلامه تهديد علني، بأنه سيستمر في علاقته معها، دون أي اعتبار لي ولحياتي.... وعندما رآى ما حل بوجهي من الكآبة، اقترب مني، وكنت قد انطويت في فراشي حزنا،
- اسمعي يا بَرود، علاقتي بك جيدة، طالما توقفتي عن التدخل في حياتي، أنا رجل لست طفلا، وما بيني وبين جوليا انتهى، إن كنت أزورها فذلك لأنها تطلب المساعدة....
لم أرد عليه، وكنت في تلك اللحظة لا أصدق أي كلمة من كلماته، فقط كنت أفكر كيف تجرأ على تهديدي بتلك الصورة، وأي واقع مؤلم ينتظرني، إنه يقولها بكل صراحة، إما أن أقبل بنزواته، أو يتركني على هامش حياته، وفي كل الأحوال لست في حياته سوى الهامش، ....... اعتراني هم عظيم، وصارت أفكاري تتضارب، فبينما عقلي يأمرني بالتخلي عنه، كان قلبي يأملني فيه خيرا،
أسوأ ما تمر به امرأة أن تحب رجلا، لا يحبها، أو أن يكون مغرما بامرأة غيرها، .......!!
لكني اكتشفت فيما بعد أن جوليا لم تكن هي المشكلة الحقيقية، وأني لم أعاصر المشاكل بعد، إذ رأيت فيما بعد كيف يصبح زوجي، حينما يعشق أمرأة فعلا.....!!!
آثرت الصمت،...... بينما خرج من عندي ولم يعد حتى منتصف الليل، لا أعرف كيف احتملت، فالواحدة منا قد تحارب في البداية لكن عندما تعلم أن الحرب ستنقلب عليها قد تتهاون، وتتنازل، ربما، .......
مرت الأيام ثقيلة وأنا صامتة، كنت أفكر أكثر من مرة في رؤيتها والحديث معها لتتركني في حالي بصحبة زوجي، لكنني أتراجع في آخر لحظة، .........
وبقيت جوليا في حياة زوجي العشيقة السرية التي أعرف كل تحركاتها، اصطحبها معه أكثر من مرة في رحلات خارج الدولة، أخذها أسبانيا، البلد الذي كنت أحدثه دائما عن رغبتي بزيارته،
رأيتها، في صور وجدتها عند أخته، وأذهلني ما رأيت، فهي كبيرة في السن، جميلة، وتبدو من الصور أنها ذات شخصية قيادية، .......... هل ترغبين في رؤية صورتها.......؟
- نعم .. هل لديك واحدة.....؟؟
- أحضرتها معي توقعت أن تطلبيها.........
- دعينا نقترب من تلك الأضواء، أحتاج إلى نور أبيض لأرى الصورة بوضوح......
- هاه، ماذا رأيت...؟؟
- من النظرة الأولى أقول لك، أن منافستك هذه ضعيفة........ لا تساوي قرشا واحدا......
- أعلم..... لقد فهمت ذلك مؤخرا، ...... على كل حال أريد أن أفهم لماذا كان متمسكا بها...؟؟؟
- لأنها كبيرة في السن، وذات شخصية قيادية......
- ماذا قلت........ هل أنت جادة....؟؟
- نعم أنا جادة.. فالرجل الجنوبي، يحب البقاء بصحبة امرأة حاسمة، تنظم حياته المبعثرة، ولهذا يميل للإعجاب بالنساء الأكبر منه سنا، والشماليات على وجه الخصوص، ولايعني ذلك أنه يوفق معهن لكنه يحب لديهن الثقة التي يتمتعن بها،
وبشكل خاص لو أفتقد والدته في سن مبكر، قد تجدينه يميل للزواج بمن تكبره سنا بأعوام،
- وهل يحبها، أم يحتاج إليها فقط....؟؟؟
- تظهر العلاقة في البداية بصورة حاجة، لكن المرأة الذكية تجعل من الإحتياج حب، والرجل الجنوبي يقع في حب من هي أكبر منه سنا، أكثر بكثير، وأسرع من الوقوع في حب صغيرات السن، لكن، واحذري من هذه الـ لكن، فالمرأة التي تتزوج الجنوبي، وتمثل معه دور الأم، لا تستبعد أن يأتي الجنوبي ليخبرها برغبته في الزواج من زميلته الصغيرة في العمل، أو زميلته في الدراسة،..!!!
لأنك حينما تمثلين دور الأم، لا يبقى أمامه، إلا أن يعيش دور الإبن المدلل الذي يحب أن يحياه، وبالتالي يبحث عن العروس التي سيقدمها لأمه، المطلوب من أمه التي تحبه أن تخطب له حبيبة قلبه، ..!!
- يا إلهي، هذا الرجل معقد، ........ كيف أتعامل معه بحكمة، وفي نفس الوقت أن لا أكون أمه، ...؟؟ هذه معجزة.
- ليست كذلك، [color="rgb(153, 50, 204)"]فالأمر يتبسط، بالإعتياد، فعندما أصف لك طبخة معينة قد تستغرق منك ثلاث ساعات حتى تنجزيها في البداية، وبالتعود، تصبح سهلة، الرجل، أيضا يبدو معقدا في البداية و مع السنوات وبالإعتياد على سلوكياته يصبح أسهل.........
[/color]
- بل هي عقد، كيف أفهم طريقة تفكيره، لو لم ألتقيك، لبقيت طوال الوقت أفكر ما سر ارتباطه بتلك المطربة ، .......
.
- أية مطربة...؟؟
- المطربة التي وقع في غرامها لا حقا، ......... والتي هدت كياني، وجعلتني المرأة الهامشية بالفعل.......!!!
****************************************************************************
لا يرهق الإنسان في هذه الدنيا سوى المتاعب النفسية، والضغط العصبي،
تنال من صحته وأعصابه، ومن راحة باله، لكن الشخصيات المتحدية، العنيدة، تبقى متشبثة بالحياة على الرغم من كل التحديات، وتصر على البقاء،
إذ لا خيار في هذه الأرض سوى البقاء، الموت ليس خيارا، الموت مصير، ...!!!
وبما أنك باقية، فلتستمري في البقاء كما ينبغي أن تكوني،
بَرود، التي كانت محط الأنظار، وذات الشخصية المميزة، وصاحبة المنصب المرموق في عملها، وقعت ضحية ظروف، عصفت بكل مميزاتها،
يقدم الإنسان بعض التنازلات في كثير من الأحيان، لتمضي به الحياة على ما يرام،
وبعد حين يعتاد على التنازل، ودونما يدرك، يجد نفسه قد تنازل عن كل شيء،
لهذا يقال من يتنازل مرة قد يتنازل ألف مرة،
التنازل عن الحق، كالعدوى، تتفشى في القلب، وتخلق السلبية،
العمر الذي تتنازلين لتجعلينه يمر بسلام، يمر فيما بعد بمنتهى الصعوبة،
والحلم الذي تنازلت من أجل أن يكتمل، يموت، ..
الحقيقة أن التنازلات لا تحل الأزمات، والعلاج هو خير سبيل،
صديقتي التي اعتقدت أنها بذلك تقود حياتها العاصفة إلى بر الأمان، أخطأت التقدير،
تنازلها عن حقها في نهره عن لقاء عشيقته جوليا، كان سببا لتماديه في علاقة أخرى،
اعتقادها أن تنازلها عن نهره سيحافظ على زواجها الشكلي على أقل تقدير، كان سببا مباشرا لإنهائه شكليا أيضا،
الحياة متناقضة نعم، لكنها في العمل لا تعطيك سوى ما ترغب في أن تجنيه،
الضعيف، يبقى على الرصيف، ملقىً بلا أهمية،
والقوي، يسبح مع التيار، أو عكسه، المهم أنه بدأ السباحة وقد يصل.
في مساء ذلك اليوم، اتصلت بي، وفي صوتها بحة بكاء، ..
- خرج معها هذا المساء، تطيب، واهتم بنفسه، ... وعندما سألته عن وجهته نشأ عراك كبير بيننا، دفعني بقوة بعيدا عنه لأقع على الأرض، وقال لي (( لا أحبك، افهمي))....
- خرج مع من...؟؟
- مع المطربة، (ليزا)...!!!
- اهدئي، هل ترغبين في الخروج...؟؟
- لا أستطيع أشعر بالحزن الشديد، وأرغب في البكاء، ... إني..
- تعالي إلي بيتي، هل تعرفين الطريق،...؟؟
كانت ملامحها الحزينة، شاهد على انكسار صديقتي القديمة، التي لم يتبقى منها سوى تلك الملامح، تحت الرماد،
بَرود، لم تعد بَرود، وكنت أفكر إن كانت ستعود ذات يوم أم لا،
أعددت لك عصير الليمون، جيد لترتاحي،
- أريد التحدث، .... والفضفضة، لا أريد شرب أي شيء،
- كيف تعرف بالمطربة،...؟؟
- إنها صديقته منذ فترة طويلة ولا أذكر متى تعرف عليها، تكبره بخمسة أعوام، ..
استمرت علاقته بجوليا لوقت طويل، وفجأة بدأ يهمل رسائلها واتصالاتها، وبدا مشغولا عنها، ثم تشاجر معها لأسباب تافهة، ولم تعد تزوره بعد ذلك نهائيا، وفي نفس الوقت توقعت أن يعود لي، لكنه أصبح أكثر بعدا عني،
عندما كان على علاقة بجوليا، كان يحبني، كنت أشعر بذلك، وكانت علاقتنا جيدة جدا قياسا بما حدث بيننا بعد علاقته بليزا، ..
علمت كيف يصبح زوجي عندما يعشق امرأة، لا يستطيع أن يجامل أخرى، يصبح مهموما في غيابها، مندفعا لها، وهائما، لا يتحمل لمساتي، ولا القرب مني، ..
لا أعرف ماذا أقول، هل أخبرك بالحقيقة، هل أخبرك أنه يقرف مني، ...!!!!
نعم أظن ذلك، فلا يطيق أية لمسة من يدي..؟؟ يتفادى النظر في عيوني، ...
صديقتي أخشى على نفسي من الإنهيار، ...
في بيتي إنسانة بلا معنى، امرأة غير مهمة، في عملي، عيون الرجال تلاحقني في كل مكان، والإعجاب ينصب علي من الجميع،
أحتار، إن كنت جذابة كالسابق، ما الذي يعمي عيني زوجي، ..
هل ستتفهمين .. عندما أقول لك، إني أصبحت أفرح كثيرا عندما يعبر لي أي زميل عن إعجابه بي، .. فالحرمان، أساء إلى أخلاقي، إنني أحلم كالمراهقين، أحلام يقظة غبية، ..
تعبت، تجاهله يجرحني، وعمى عينيه عني، يصيبني بالجنون، ولا أفهم ماذا علي أن أفعل، لأعيده لي،
بصراحة لم أعد أرغب به، أرغب في قتله، لأنه مجرد تافه، هل تعلمين لماذا لا يراني، لأنه تافه، لا يرى سوى من على شاكلته، في تفاهته، وحمقه وغبائه، رجل عبيط، غبي، يعتقد، أن العالم لم يخلق إلا للاستهتار، يقضي كل وقته متسكعا بين المقاهي، باحثا عن المتعة واللهو، لا طموحات له، اهتمامه الوحيد في هذه الحياة الجنس، الطعام، والنساء، لا شيء آخر،
هذا الرجل لم ينضج، غبي، غبي،
تخيلي، أنا لا أحترمه، في الواقع، لا أحبه، أتمنى لو تزوجت برجل مثقف، رجل أعمال مميز، يتحدث قليلا، لكنه يعمل كثيرا، رجل يشاكلني في مستواي الفكري، أشعر معه بذاتي،
لا يمكنني التواصل مع زوجي لأنه لا يفهم،
إنه سطحي، يركز على المظاهر، يهمه كثيرا كيف يلبس، وماذا يركب من سيارات، ويدخل في تحديات غبية مع صحبه، ويفتخر بما ليس فيه، ويوهم الآخرين بتميزه، في ماذا ..؟؟ لست أفهم، ...
هذا التافه، يصر على أنه أعلى مني شأنا....!!!
- اهدئي...... هل فكرت يوما ترى كيف ينظر إليك ..؟؟ ولما لا يقدرك...؟؟
*****************************************************************************
متعب أن تواصلي الحياة بلا أمل في إصلاح الأوضاع،
محبط أن تتكرر المآسي وتتجدد الأوجاع،
حياة الشمالية مع الجنوبي، عالم من التحديات المستمرة والإهاق الذهني المتجدد،
مصير مخيف، مقلق،
زمن يعتصر الإحساس، ويغدر باللحظات الجميلة،
ابتسامات الجنوبي العذبة، غادرت قاهرة للأمل،
مؤلمة تلك اللحظات التعيسة التي تسيطر على العلاقة، وتعصف بالكيان،
الجنوبي، البارد كالصقيع، عندما يقترن بالشمالية، جذوة الحياة الملتهبة،
الجنوبي، الفياض بالعاطفة، كالمطر، غزيز الحب، كثيف الحنان، قليل الإنتاج،
والشمالية، كبرد السماء، ثقيلة قوية، فعالة،
البرود،
والمطر،
يهطلان معا ... ينهالان على الأرض،
فيختفي المطر سريعا، وتبقى قطع البرد لوقت أطول،
المطر، يسيل في الأودية، حاملا كل شيء،
والبرد، يتلألأ على سطح الأرض، ثم يذوب، بهدوء وإحساس خاص،
المطر، ينهال بصوت زخم،
والبرد، يتساقط بصوت الرقيع،
بَرود المطر،
ثلج السيول،
تخيلي، ماذا يحدث عندما تسقط حبات البرد مع المطر الغزير، تتلاشى في السيول، تغرق، تذوب، تختفي،
مطر، سيل جرف بَرود،......................!!!!!!
فياترى كيف لبَرود، أن تستعيد كيانها كقطعة برد لذيذة، وتنفصل عن سيل مطر، ........؟؟
هل تقبل أن تبقى جزءا من تكوينه، جزءا يسيرا،
أم تحاول أن تنصف الإمتزاج،
أم تنفصل عنه، لتستعيد تكوينها الثلجي، النقي، .........؟؟
خيار، ........ أصعب من الصعب...!!!
- لماذا تسأليني كيف يراني...؟؟
- لأنه من المؤكد أن يكون لديه فكرة ما عنك، زوجك ليس طفلا ولا غبيا كما تعتقدين، إنه رجل بالغ، أعجبك ذلك، أم لم تقتنعي تلك الحقيقة، ومثلما تحملين تصورا عنه، لا بد أن لديه واحدا عنك..
- دائما يراني نكدية، ودائما في نظره العصبية، التي لا أفكر سوى في المال، ......!!
- وبعد، ........
- لا أعرف، .....قد يراني معقدة، يراني أيضا غبية ربما، من وجهة نظره،
- وبعد،
- ماذا تقصدين، عمَ تبحثين ...؟؟؟
- عن كلمة يرددها باستمرار، تشعرين معها بالنقص،
- ............. كلمة، ........ مثل ماذا؟؟.......... مثل أني لست أنثى كفاية........ يقول أني لست امرأة ........ نعم هذه الكلمة تجرحني، ....... لا أفهم لماذا يدعي أني لست امرأة.
- هذا على الرغم من أنك تتزينين، كثيرا،
- نعم، صدقت، أتزين، وأهتم بنفسي في السابق لكنه يصر على أني لست امرأة،
- الجنوبي، يرى الشمالية باستمرار، في صورة غير أنثوية، لأنه رجل لا يبادر كثيرا في القيام بالأعمال أو تحقيق الإنجازات، وبالتالي، فعلى المرأة أن تكون أقل منه مبادرة بكثير، وكونك شخصية ناجحة على الصعيد العملي، ومبادرة في حياتك الشخصية، ومنجزة، فأنت من وجهة نظره تفتقدين سمة مهمة من سمات الأنوثة، وفي الوقت ذاته يحب لديك قوة الشخصية، التي قمت بالتخلص منها لاحقا،
- لا أفهم ما تقصدين، .......
- الجنوبي، رجل رقيق، في كل شي، والشمالية تحتاج إلى رجل قوي ونافذ، لكن حكمة الله في الخلق هذا التكامل في العلاقات الزوجية، فزواج الجنوبي من شمالية، مفيد لتعلم الشمالية الجنوبي كيف ينجز، ويعلم الجنوبي الشمالية كيف تسترخي وتستمع في حياتها،
لو سألت زوجك كيف يراك....؟؟
قد يقول ما يلي: إنها امرأة نكدية، بل هي ليست امرأة إنها رجل في جسد امرأة، تريد أن تفعل كل شيء بنفسها،
وتفكر أكثر من أي شيء آخر، وتدير الحياة وتسيطر على حياتي، وترغب في أن تتحكم بي، ولا ينقصها سوى أن تمسك بالعصمة، ............!!،
لا أستطيع الإستمرار مع زوجة من هذا النوع، لأنها لا تحيي في قلبي أي شعور بالجاذبية، بل أشعر معها بأني أعيش مع مديرة عملي، مزعجة، وقلقة دائما، متوترة، وتعتقد أن كثرة العمل تضمن المستقبل،
كل همها تكديس المال، لا تفكر سوى في المشاريع، متعة حياتها الوحيدة، شخصية مريضة، معقدة، كئيبة، هذه كئيبة لا يمكنني تحملها....!!
- هل من الممكن أن يكون هذا رأيه عني، ........؟؟
- نعم، ........ وقد يكون أسوأ بكثير، فما يحدث في الواقع، أننا نختلف، وكل منا يرى الآخر من منطقه الشخصي، وبالتالي فحكمك عليه غير منطقي، أنت ترينه ناقصا، وهو يراك ناقصة، لأنكما مختلفين كذكر وأنثى، ومختلفين كشمالية وجنوبي، ..........
- ومن منا على حق........؟؟
- لا أحد منكم على خطأ، أنت تمارسين طبيعتك، وهو يمارس طبيعته، الخلل الوحيد، أنكما لا تعلمان الإختلافات، ولم تتعلما فن التعامل مع هذه الإختلافات، .......
- وهل يعني ذلك أننا لا نناسب بعضنا، هل نفترق......؟؟
- بالعكس، الجنوبي، يعجب بالشمالية من النظرة الأولى، لكن الجنوبية تناسبه أكثر، من حيث التفكير والميول، بينما تبقى الشمالية حلم حياته، لتميزها، إنه يحب أن يجمع القطع النادرة في حياته، ويسرف المال الكثير على مظهر الخارجي، ولهذا فالشمالية ذات الشخصية المميزة والطلة الجذابة، تثري طموحه، لكن ما أن يتزوج بها، حتى يبدأ في اكتشاف شخصيتها الصارمة، وبناءها الذاتي المتين، ونشاطها الكبير، واندفاعها الإنجازي وطموحها الصاعق، ....... كل هذا يصيبه بالصدمة، فهو لم يتزوج بها ليقدم لها الدعم، ولا ليخطط معها لدخول امبراطورية الأثرياء، بل تزوجها ليتباها بها، أمام مجتمعه كما يتباها بممتلكاته الكثيرة، .......... وفي النهاية اكتشف كم هي مزعجة...!!!
- مزعجة......؟؟؟!!!!
- نعم، مزعجة، فالجنوبي الذي يميل إلى الإسترخاء، والإستجمام أغلب الوقت، يجد طموحات الشمالية ومطالبها مزعجة.........!!!!!....... بل ولا تطاق في كثير من الأحيان، الشمالية ترى أنها كلما صعدت سلمة، على درج الإرتقاء، ترى أن هناك سلمة أخرى تمثل لها تحديا، والجنوبي يراها طماعة ولئيمة، ولا تشبع، من جمع المال...........!!!!
- أووووووووه، وكأنه يتحدث، هكذا يصفني باستمرار، ويقول إني معقدة، وأني أشعر بالخوف بعد أن سلب إخوتي مالي، وأحاول أن أعوض ما خسرته، مع أني لا أفكر في جمع المال، أفكر في النجاح، والمال يأتي كتحصيل حاصل بشكل تلقائي بسبب نجاحي........غريب منطقه.......!!!
- الأغرب هو ما تفكرين به نحوه، عندما قلت إنه سطحي وغير مسؤول، لو سمع ما قلت لأصيب بصدمة عنيفة، فهو أيضا يرى أنه على صواب، وأن ما يقوم به شيء طبيعي، فالحياة أوجدت للإستمتاع واللهو، حواسه تدرك الكثير مما يغيب عن ناظريك، .........!!!
- لكنه تعرف إلى مطربة، وهي أيضا تجمع المال، وتحب النجاح، .........!!!
- قصة متكررة، ......... الجنوبي، والنساء المتميزات، أو المشهورات، ....... ألم أقل لك إنه يحب الشماليات لأنهن براقات، ....... إن علاقته بالمشهورات تعطيه إحساسا بمكانته، يشعر معها أنه شخص مميز، كما يحب أن يشعر دائما،
المرأة ذات السمعة الإجتماعية العريضة توفر لشخصيتة التواجد الذي يبحث عنه،
- كيف لم أعد أفهم ما تقصدين، بدأت أتعثر، ........
- تخيلي معي ما يحدث، ......... الرجل الجنوبي قليل الإنتاجية، وبالتالي، لا يحظى بسمعة كبيرة، ولا بجاذبية شخصية، لكنه يشعر بأنه رجل فوق العادة، ويريد بل ويحتاج لمن تشعره بذلك من النساء، فتأتي تلك المطربة التي يسعى خلفها الكثير من الرجال لتحبه هو، ...... هو فقط، كيف تراه سيشعر، ............؟؟؟ بالأهمية، ........ الأهمية التي كان يبحث حثيثا عنها.........!!!
- كنت أعتقد أنه أحبها ليمارس الجنس معها.........!!!
- الجنس بالنسبة للجنوبي، ليس مشكلة كبيرة، فهو يجده في أي مكان، ويمكنه أن يمارسه معك في أي وقت، وإن كان غير منجذب لك، ....... المشكلة تكمن في الإعجاب وتحقيق الذات،
- وهي تمنحه القدرة على تحقيق ذاته،
- نعم فالجنوبي، أشبه بالكائنات اللصيقة، التي لا تمضي في الحياة وحيدة، تريد الإلتصاق بأحد ما لتحقق تواجدها، ......... تلتصق بكائن أكبر، أو أقوى.....
- والشمالية قوية، أو أية امرأة مشهورة ......
- تماما، .......... والحادث، أن بعض الشماليات لا يدركن ذلك، وبعد الزواج تصدمهن حالة الخدر لدى الجنوبي، ويصبن بالملل، والقرف أيضا، وقد يهاجمنه عدة مرات، ويحطمن شخصيته، دون علم منهن، فينتقم الجنوبي، الحاقد، بطريقة تكسر الشمالية وغرورها كسرا مبرحا، بالخيانة، الخيانة لدى الجنوبي عقابا للمرأة التي تهين كرامته.......!!!
- مستحيل........ كلامك خطير، يشعرني بالخوف، على هذا لن يتوقف عن خيانتي، فأنا يوميا أذكره بكسله، وكثرة نومه، واستهتاره، ........!!!
- وعندما تتوقفين عن ذلك وتبدئين باحترامه سيتوقف هو أيضا عن خيانتك...........
- معقول، كيف أحترمه، .......... أنا لا أحترمه، إنه كما قلت غبي.......
- كفي عن وصفه بالغبي، فهو ليس غبيا، هو صنف مختلف من البشر، إنه جنوبي، وأنت شماليه، هو ليس غبيا، ولا أنت نكديه، لكن كل واحد منكما من كوكب مختلف..........!!!
- نعم سأفعل، ..... وكيف أشعره أني أحترمه، .......... كيف أمثل عليه ذلك.......
- احترميه بصدق، ثم سيشعر..........
********************************************************************************
ولكل المتسائلات عن بوصلة الشخصية، ( جنوبي- شمالي- شرقي- غربي)
لا يستطيع أي اختبار في العالم أن يصنف زوجك في اتجاه واحد متجاهلا الجوانب الأخرى في شخصيته، وذلك نظرا للعوامل التي تضفي على الشخصية اختلافات عدة، وعلى اتجاهها تحولات مستمرة بفعل:
1- التربية،
2- المجتمع،
3- الظروف،
4- التعليم،
5- الحاجات،
وغيرها
لهذا لا تحزني إن لم تتمكني من تصنيف زوجك، لكن واجهي كل صفة فيه، بما يناسبها، في الوقت الحالي، ولا تصنفيه، إن كان غير محدد الإتجاه بالنسبة لك،
أعجبني عصير الليمون، .... أشعرني بالإنتعاش، هل هناك المزيد، .....؟؟
أكيد، أضيف له النعناع الطازج، وعلى فكرة العصير بالليمون البلدي، ....!!
معقول، لم أشعر بأي مرار ..
رن هاتفها النقال، ........
- إنه هو........ لن أرد عليه، لا أرغب في الرد عليه، .....
- يمكنك تجاهله، ...... في الوقت الحالي، ريثما تهدئين، ...... لكن ما قصة المطربة،...؟؟
- ليزا، مطربة من أصل عربي مقيمة طوال حياتها مع أسرتها في المهجر، وتطمح للنجومية، حصلت على عدة تقاعدات مع فنادق هنا، وبدأت بالإنتشار، وطبعت ألبومين حتى الآن، .......
- لم أسمع بها سابقا، .......
- لأنها لا تغني للعرب، ...... !!!
- وهل تتحدث العربية....؟؟
- بطلاقة، وتحيي أمسيات غنائية بلهجتها العربية، لكن لم تجرب طباعة البوم باللغة العربية، ...... مع أن صوتها جميل....!!
- تعلمين الكثير عنها....
- رغما عني، بدأت أبحث خلفها، جميلة وذات شعر أشقر وطويل، زوجي يحب الشعر الطويل.....!!!
- كل الرجال يحبون الشعر الطويل، فالشعر يمتلك طاقة خاصة، تثير إفراز هرمونات الرجل الذكرية، ... لهذا أمرنا الإسلام بالحجاب، وكلما ازداد طول الشعر ومعدل اسوداده، كلما أثر ذلك في قوة تأثيره على إثارة الرجل،
- عن أية طاقة تتحدثين، ......؟؟
- نوع مختلف عن الطاقة التي يعرفها الناس، أتحدث عن الطاقة الكهرومغناطيسية التي تنبعث من الأجساد البشرية، ويمكنك تسميتها بالطاقة الأثيرية، أو الإيحائية، وهي طاقة شديدة التأثير، انهمك العالم مؤخرا في دراستها كحقيقة علمية غريبة، ....
- هل تؤمنين بصحة هذا الكلام، .....؟
- لا يوجد مجال للشك، فالأمر عبارة عن اكتشافات علمية، وليست نظريات أو تهيؤات، ...
- كيف.....؟؟
- لاحقا أشرح لك كل شي، فقط أردت أن أخبرك بأن هذا الشعور المتشائم نحو حياتك، وإحساسك المستمر بالإضطهاد، يجتذب نحوك الكثير من الأحداث التعيسة، ويلقي بك إلى المزيد من الألم، قال تعالى: ({قَالُواْ إِنَّا تَطَيَّرْنَا بِكُمْ لَئِن لَّمْ تَنتَهُواْ لَنَرْجُمَنَّكُمْ وَلَيَمَسَّنَّكُمْ مّنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ * قَالُواْ طَـٰئِرُكُم مَّعَكُمْ أَئِن ذُكّرْتُم بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ مُّسْرِفُونَ}
والطائر هنا الشؤم، أي أن الإنسان المتشائم، يجتذب الكثير من الشؤم إلى حياته،
- لست متشائمة صدقيني، لست كذلك، الأمر أني أعاني، فأبدو كئيبة، تعيسة، فأي امرأة في مكاني ستشعر بما أشعر به الآن،
- الشعور شيء، وما أنتظره في الأيام القادمة شيء آخر، فدخولك الحياة الزوجية، وأنت متخوفة من الطلاق، قد يجرك ذلك الشعور للطلاق، ركزي على أن حياتك الزوجية ستكون ناجحة، وأنك ستتغلبين على كل العوائق في حياتك،
- هل أخدع نفسي، كيف سأنجح مع رجل كهذا،
- بالتفاؤل، فالرسول عليه الصلاة والسلام الذي لا ينطق عن الهوى قال)) تفاءلوا بالخير تجدوه((، فتفائلي بحياة زوجية سعيدة لتحصلي عليها بالفعل،
- كنت متفائلة حتى صدمني......
- تعاملك مع أول مشكلة في حياتك الزوجية، يحدد قدرتك على إدارتها، ونوعية الحياة التي ستحصلين عليها، ....... وأنت تصرفت بشكل جيد لدى القليل من المشكلات، بينما انبريت في الجزء الأكبر منها، حزينة ضعيفة، تعالجين احباطاتك وصدماتك، وجروحك بالدموع والكبت، وصرت تنظرين إلى نفسك على أنك ضحية، ..... لم تكوني شجاعة،
- وكيف تكون الشجاعة، ......
- كلنا يا بَرود نستطيع أن نجلس لنبكي، وكلنا قادرات على أن نعيش المشاهد الدرامية في حياتنا بنجاح، لكننا لا نتجاوز ذلك، والبعض يستمتع بالألم، ويحب مع الأيام دور الضحية، ويستلذ بالعذاب الذي أصبح جزءا من حياته، لكن الشجاعة هي التي تغتسل سريعا من تلك الجروح، وتنظر للجارح على أنه طالب في مدرستها ستلقنه درسا لن ينساه في كيفية التعامل معها، ......!!!
- والطالب هو الزوج، ......
- نعم، فكلنا في الحياة معلمون، نعلم الآخرين فن التعامل معنا، وندرس لهم مادة أنفسنا، ليتعرفوا علينا بشكل جيد، ........ ولهذا قالوا في الأمثال ( اللي ما يعرفك ما يثمنك)
- هو بالفعل لم يتعرف إلي جيدا، لم يعطيني الفرصة لأشرح له،
- وربما لم تكوني على ثقة كافية بأنك مثيرة للإنتباه، انتباهه هو على الأقل،
- رجل تعلم في الخارج، وتعرف لنساء ناصعات البياض، لا يشوب أجسادهن أية شائبة، لن يهتم لأمر امرأة حنطاوية، مثلي، ......
- هل أشعرك بذلك، ....؟؟
- مرات، يخبرني بأن وجهي أصبح شاحبا، ومرات أخرى يطلب مني أن أغير لون شعري، وأحيانا يقول لي اهتمي بصحتك....
- ليس لأنه يقارنك بالأخريات، بقدر ما يسعى إلى نصحك بقلب صادق، ......
- كيف أبدأ التغيير، ....... هل هناك أمل في نجاح علاقتي بزوجي......؟؟
- ابدئي التغيير من الدراسة، ادرسي نفسية زوجك جيدا، راقبيه،..... تخيلي أنك في لعبة، وعلى أحدكما أن يغزوَ قلب الثاني، ولفعل ذلك عليك ببحث نقاط الضعف الخاصة بالآخر، ......
- تعلمين على الرغم من عشرتي الطويلة معه، لم أفهمه يوما، كنت أعتقد أنه رجل صعب المراس، واليوم ترجمت لي شخصيته بكلمات قليلة، وكأنك تعيشين معنا، جعلتني أقتنع أن زوجي بسيط جدا، ...... لكني لم أكن أفهمه، ..... تلك المطربة التي تأخذه مني......
- لم تأخذه بعد، لازال زوجك أنت، هناك أمل كبير في استعادته، فخططي وابدئي الهجوم، .......
- أسعفيني بخطة..........!!!
- في البداية، أريد زيارة بيتك، لأرى دولاب ملابسك، فالخطة تبدأ من هناك، أرغب في رؤية كل ما لديك من ملابس، لأجردها، ........
- ألا تعجبك ملابسي، ....؟؟
- تعجبني، كلها ماركات عالمية، لكنها تفتقر إلى الحس الذي يحبه زوجك........ أعطيني صورته وسأخبرك كيف يحبك أن تكوني، وأي لون يفضل، وأي الموديلات تثيره، .... بالتفصيل الممل........
-واو، جلسة دسمة، .... لحظة سأعطيك الصورة، بالله عليك ستخبرينني كل هذا، .... كل هذا من الصورة...... !! خذي.....
- متى صور هذه الصورة.......؟؟
- هل هذا مهم....؟؟
- نعم، يهمني أن تكون حديثة، إلا إن شئت أن ندرس وضعه لحالة مر بها في الماضي....
- هذه الصورة، ........ لا أتذكر، ربما من شهرين أو ثلاثة،
- جيد، جيد جدا، إنها حديثة، المهم لم تتعدى السنة، .....
- هل إذا أحضرت لك صورة له في بداية زواجنا، هل يتغير التحليل، ...؟؟
- بالطبع، عندما أرى صورته لتلك الفترة ستفسر لي شخصيته تلك الفترة، والتي غالبا ما تتطور، وتتغير، وتتجدد على مر السنوات، ولهذا أطلب صورا حديثة، لكن هناك سمات رئيسة في الشخصية لا تتغير مطلقا، أو تتغير بشكل طفيف جدا، .... ولهذا تنفع الصور القديمة في الحالات العامة،
- ما رأيك فيه.......
- يبدو تعيسا، تائها، ولديه مشاكل عاطفية، ............... لا أظنه مرتاحا في علاقته بليزا، زوجك حتى اليوم لم يجد نفسه، يفتقد الحنان بشدة، ولديه ألم غائر في صدره،
- كل هذا في الصورة......
- بل كل هذا في التجاعيد الصغيرة أعلى عينيه، وفي انحراف مقلته نحو الكاميرا، وفي شق وجه البارز، ......
- كيف..... ما علاقة جهة وجهه....
- كل إنسان عندما يصور، يطلب منه أن يواجه الكاميرا، ولكنه في الوقت ذاته، يبقى محتفظا بانحراف صغير يبرز جانبا من الوجه أكثر من الآخر، وهذا في علم قراءة الوجوه يدل على سر يخفيه، ....... كما يدل على شدة التألم، ...... بينما لو أبرز الجهة ( ) من وجهه فيدل ذلك على أنه لئيم دنيء، وإن أبرز الشق ( ) من وجهه، فيدل ذلك على سعادته وفرحه الحالي،
- سبحان الله، ....... ما رأيك في هذا القسم من وجهه، انظري دائما يفعل ذلك،.....
- لأنه جنسي، ..... يميل إلى الحياة المرفة، أيضا، ...... انظري إلى أرنبة أنفه، هذه لها دلالة أيضا، عندما تبدو في هذا الإتجاه من الصورة، .....
- كل ذلك في اتجاه وجهه نحو الكاميرا، وماذا عن ملامحه، .......
- سنتحدث بالتفصيل، بعد أن نتناول الطعام، لأني أشعر بجوع شديد.......
- أرجوك لا تتركيني على أعصابي، سنأكل لاحقا، ......
- بل نأكل ونتحدث ، ......
لقراءة الجزء الرابع اضغطي هنا