نامت (شيماء) كما لم تنم من قبل،فقد كان أول يوم حافلا ومرهقا،خاصة أن الجو كان حارا جدا بالنهار..
في اليوم التالي وعلى مائدة الإفطار،كان (سامح) يلقي بعض النكات فيعلوا صوت ضحكاتهم المرحة..ثم التفت إلى (شيماء) قائلا:
- الليلة سنذهب إلى أحد النوادي الشبابية كي نرفه عن أنفسنا قليلا
ردت مازحة بعد أن رشفت القليل من قهوتها:
- تقول هذا وكأننا لسنا في رحلة ترفيهية
لم يفطن إلى دعابتها في البداية فقال:
- أتسمين أكوام الحجارة والرمال ترفيها؟
ضحكت فانتبه أخيرا إلى ما ترمي إليه،فنظر إليها معاتبا وقال:
- هل انتهيت من قهوتك يا سمو الأميرة؟ أظن أن لدينا الكثير من الترفيه اليوم
ضحك بقية زملائهما وأنهوا طعامهم ليبدأوا جولة اليوم..
استقلوا الحافلات متجهين للضفة الشرقية للنيل،وهناك ركبوا على متن مركب نيلي ليوصلهم للبر الغربي،حيث الرهبة والغموض يقبعان في أحضان الرمال..
بدأت الجولة بتمثالي (ممنون) ،ومعبد رمسيس الثالث،ثم الرمسيوم،وبعده معبد (حتشبسوت) ، والذي كان أكثرهم إرهاقا صعودا ونزولا..ثم أخيرا وادي الملوك في نهاية الجولة،وبعده ذهبوا إلى أحد البازارات..
هناك التقت (شيماء) بـ (سامح) وبقية زملائها..اشترى لها (سامح) زجاجة مياه غازية للتغلب على الحر،وبينما هما يشربان قال:
- أريدك اليوم أجمل فتاة في المكان
نظرت له نظرة ذات مغزى وقالت بمكر:
- هل تعني من كلامك أنني لست جميلة؟
أمسكها من ذقنها مداعبا وقال:
- أنت أجمل فتاة في الكون،لكنني أريدك اليوم في أبهى طلة لك
ابتسمت وهي تشعر بالنشوة،فهي أنثى في النهاية يعجبها معسول الكلام حتى لو كان كذبا..
كان (إيفان) يرمقها من بعيد،ويرى وجهها الباسم فيبتسم معها،ويرى مداعبات (سامح) لها فتتلاشى ابتسامته،ويدير ظهره لهما ليتفقد البضاعة المعروضة أمامه..
عادوا أخيرا من جولتهم المرهقة،تناولوا طعام الغداء وصعدت (شيماء) إلى غرفتها مع (نهى) وراحتا تراجعان بعض الأوراق،ثم نامت كل منهما على أن تستيقظا في السادسة مساء..
* * *
ارتدت (شيماء) ثوبا حريريا ذا لون فضي،يصل إلى أعلى ركبتيها بقليل،وله وشاح خفيف غطت به كتفيها العاريين،ثم انتعلت حذاء سهرة بكعب عال ولون فضي أيضا..ووقفت أمام المرآة تتبرج حتى أصبحت كالعروس في ليلة زفافها،ولم تختلف (نهى) عنها كثيرا،لكن الأخيرة كان ثوبها طويلا..
وعند التاسعة والنصف نزلت (شيماء) لتلتقي بـ (سامح) فظهر على وجهه الفخر بمظهرها،وتأبطت ذراعه ثم انطلقا مع بقية زملائهما إلى النادي الليلي وهم يمطرون الفتاتين بكلمات الإطراء..وصل الجميع إلى النادي وجلسوا على طاولة في أحد الأركان،ثم قاموا بطلب بعض المشروبات لهم..
- (سامح) ..هل ستشرب النبيذ؟
التفت (سامح) إلى (شيماء) وقال:
- أجل
انعقد حاجباها وقالت باستياء:
- ألم نتفق أن تتوقف عن شرب تلك المشروبات اللعينة؟ تكفيك السجائر لتدمير صحتك
ضحك (سامح) وقال:
- سأتوقف عن شربها عندما نتزوج..أعدك بذلك
زفرت (شيماء) في ضيق ولم تعلق،هذا أمر آخر مما يؤكد لها الجميع أنه سيتركه عندما يتزوجان، هي تحاول تصديق ذلك لأنها تحب (سامح) لكنها تعرف أنه لن يتغير..
حاولت عدم التفكير في الأمر كي لا تفسد سهرتها،فراحت تهز قدميها تزامنا مع أنغام الموسيقى، وقام أحد زملائها مع (نهى) للرقص،بينما قال آخر:
- متألقة كعادتك دائما يا (شيماء)
التفتت (شيماء) إليه وقالت بزهو:
- بالتأكيد..
ثم تابعت:
- ألن تتقدم إلى (علا) يا (أحمد) ؟
أومأ (أحمد) برأسه وقال وقد ارتسمت على وجهه ابتسامة:
- ستسمعين أخبارا طيبة قريبا،فلا تتعجلي
- جيد..لكن لا تنس أن تدعونا لحفل الخطبة
- لا تقلقي..أنت أول المدعوين
شاركهم زميلهم (حسام) الحوار فقال لـ (سامح) :
- وأنت..متى ستتزوج؟
التفت (سامح) إليه وقال:
- اتفقنا أن يكون الزواج في الصيف القادم،فنحن لا نريد تجهيز بيتنا على عجل
جاء الساقي ووضع كؤوس الشراب أمامهم ليسأله (سامح) :
- وأنت؟ ألم تجد فتاتك بعد؟
أسند (حسام) ظهره إلى المقعد وقال:
- ليس بعد..إن فتاة أحلامي ليست من هذا العالم
ضحكت (شيماء) وقالت:
- هل تنوي أن تتزوج كائنا فضائيا؟
ضحك الشباب الثلاثة وقال (سامح) معقبا:
- وما أدراك أنها ستقبل به؟ هي من ستعتبره كائنا فضائيا
وعلا صوت ضحكاتهم مرة أخرى،ثم عادت (نهى) وزميلها (وسام) إلى الطاولة،ومضى الوقت في حديث ضاحك بينهم حتى وجدت (شيماء) شخصا ما يلوح لها من على الطاولة المجاورة..ابتسمت لمرأى (إيفان) ،فرفعت يدها إليه ردا للتحية..
- إلام تلوحين؟
كان هذا (سامح) فقالت (شيماء) :
- إلى (إيفان)
- ومن هو (إيفان) ؟!
- أحد السائحين
- ولماذا يشير إليك؟
التفتت إليه في دهشة وقالت:
- ما كل هذه الأسئلة؟
- أنا خطيبك
- وهل هذا يعطيك الحق لتحقق معي؟
قال (حسام) محاولا تخفيف التوتر:
- اهدؤوا يا جماعة..
والتفت إلى (سامح) وهو يقول:
- كف عن الشجار..الأمر لا يتطلب هذه العصبية
انتهت السهرة وعادوا إلى الفندق،وعندما صعدت (شيماء) إلى غرفتها لحق بها (سامح) وتوقف معها عند باب الغرفة..راحا يتعاتبان على ما بدر منهما قبل قليل ثم انتهى الأمر بقبلة مصالحة..ودعته (شيماء) ودخلت غرفتها وقد احمرت وجنتاها قليلا..أوت إلى فراشها وتدثرت جيدا،ثم تحسست شفتيها مكان القبلة وأغمضت عينيها لتغط في نوم عميق..
يتبع ...........